لا تكوني امل !!

اعتدت على زحام الشوارع كما اعتدت على رتابة انفاسي فلم اعد اشعر بالضيق والتبرم وهكذا جلست باصرار في السيارة التي غادرها معظم الركاب مفضلين ركوب اقدامهم المتحركة بدل علبة الصفيح شبه الساكنة ولم يكن هذا اختياري وشاركني في رفض هذه الفكرة شابين جلسا في المقعد الذي امامي مباشرة وكانا من النوع الفارغ الذي اطلق لسانه دون حياء ليغرز سكاكينه في المارة..
حاولت جاهدة ان لا التفت الى الجهة التي ينظرون اليها فاذا لم استطع ان امنع اذني من الاستماع اليهما فلامنع عيني من مشاركتهما..
فالتفت الى الجهة الاخرىوياليتني لم التفت لارى امل مقبلة.. صديقتي في الجامعة.. فهذه المرة انا التي انتقدتها بقلبي وهي تقبل من بعيد بعد ان ملت الزحام كما يبدو ..ولكنها لم تمل من طول الوقت الذي قضته في تجميل وجهها وتلوينه وانتقاء ثيابها.. و يالها من ثياب .. ضيقة.. قصيرة ..مبهرجة..تكاد لا تستر جسدها الا لتزيده فتنة واغراء فتجعل الذهن مشتتا بين ان يرى ما ظهر او يتابع ما ستر .. وتحمله على كعب رفيع ثقل عليه حمل صاحبته وثقل ذنوبها فاخذ يهتز تحتها .. وقد استجابت لاهتزازه بحركات راقصة تمايل لها جسدها طربا..
واذا باحد الشابين يلتفت اليها وينبه صاحبه ..ـــ الى اين تنظر انت ؟ انظر هناك
فاجابه صاحبه بحسرة ــــ الا جعلني حظي في الجامعة ؟
ـــ وهل ستستطيع ان تدرس وهذه التفاحة امامك؟
ـــ لا اريد ان ادرس .. يكفيني ان افطر بمرأى هذه التفاحة فقط
ــــ ليست فقط تفاحة .. وانما مقشرة ايضا
ويبدو انهما انتبها لوجودي .. او ربما قررا ان يخجلا اخيرا فاخذا يتهامسان بحذر وفجاة يضحكان بصوت مرتفع ليعودا الى الهمس مجددا دون ان يحولا نظرهما ثانية واحدة عن الفتاة
عندها لا ادري لماذا وجدت نفسي اتمنى ان لا تكون المقبلة هي صديقتي امل .. ووجدت نفسي اتضرع بهمس .. لا تكوني امل .. لا تكوني امل ..لا اريد ان تكون هذه صديقتي ..الفتاة التي نهشت العيون جسدها وقطعت الالسن لحمها ولا كتها كال(تفاحة المقشرة) ..نعم انها تفاحة مقشرة..لا قشر يسترها ولا حجاب ولا حشمة ....
قدمت جسدها لقمة سائغة ليفطر بها كل من هب ودب .. لا يهمها ان كان من الاصحاب ام من الذباب
لكنها هي .. ولا احد غيرها
وصلنا الى الجامعة معا وقد تاخرنا عن موعد المحاضرة فسالتني ـــ هل ستدخلين؟ انا سادخل لاني اعرف ان الاستاذ معجب بي ولن يطردني.
قلت لها ـــ كلا لن ادخل لانه غير معجب بي ..لكني ساحضر لك هدية.
ووفيت بوعدي فحين خرجت وجدت هديتي بانتظارها ..
تفاحة مقشرة وقد القيتها باهمال على الشباك قرب سلة المهملات وقد اجتمع الذباب حولها
وقلت لها بهدوء ــ لو انتظرتي الى الغد سترين كيف يجتمع الدود لياكل هديتك
ـــ هديتك مقرفة.. وكلامك اكثر قرفا
ـــ هذه انت يا امل .. يا اجمل تفاحة ..نهايتك الموت والدود ياكل جمالك فلم هذا الحرص على جمع الذباب حوله ؟ الا يرضيك ان تصونيه بحجاب كما يصان اللؤلؤ الثمين بالصدف