النور من أسماء اللّه الحسنى، وسميت سورة النور بهذا الاسم لأنها تضمنت الآية الكريمة
«اللّه نُوُر السَّمَواتِ وَالأرْضِ...»
والنور - مادّية ومعنويّة - صادرعن اللّه تعالى، بل كل شيء يستند في وجوده الى البارئ الاعلى؛
فمالا وجود من ذاته فحقيقته صفر.
إن الكون كالظل لاوجود له إلا من الجسم الذي يلقيه، فاذا ذهب الجسم تقلص الظل أو زال...
والعالم أجمع يوجد ويبقى بإيجاد اللّه له وتدبيره لأمره، ونور النهار عند مطلع الشمس،
أو نور الليل عند بزوغ القمر مصدره من اللّه.
*وفي دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم يوم آذاه المشركون في الطائف..
«أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحلّ بي غضبك،
أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولاحول ولا قوة الا بالله».
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم وهو يقول الليل:
«اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهمن، ولك الحمد، أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن».
* و سورة النور من السور المدنية، التي تتناول الأحكام التشريعية، وتُعنى بأمور التشريع
والتوجيه والأخلاق، وتهتم بالقضايا العامة والخاصة التي ينبغي أن يُربى عليها المسلمون أفراداً وجماعات، وقد
اشتملت هذه السورة على أحكام هامة وتوجيهات عامة تتعلق بالأسرة، التي هي النواة الأولى لبناء المجتمع الأكبر..
*وضحَّت السورة الآداب الاجتماعية التي يجب أن يتمسك بها المؤمنون في حياتهم الخاصة والعامة..
..كالاستئذان عند دخول البيوت.
.. وغض الأبصار.
.. وحفظ الفروج .
..وحرمة اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات .
.. وما ينبغي أن تكون عليه الأسرة المسلمة و"البيت المسلم" من :
العَفاف والستر، والنزاهة والطهر، والاستقامة على شريعة الله، صيانةً لحرمتها،
وحفاظاً عليها من عوامل التفكك الداخلي، والانهيار الخلقي، الذي يهدم الأمم والشعوب.
*في هذه السورة الكريمة بعض الحدود الشرعية التي فرضها الله مثل :
حد الزنى، وحد القذف، وحد اللعان، وكل هذه الحدود إنما شرعت تطهيراً للمجتمع من الفساد والفوضى،
واختلاط الأنساب، والانحلال الخلقي، وحفظاً للأمة من عوامل التردي في بؤرة الإِباحية والفساد،
التي تُسبب ضياع الأنساب، وذهاب العرض والشرف
*وباختصار فإن هذه السورة الكريمة عالجت ناحية من أخطر النواحي الاجتماعية
هي "مسألة الأسرة"
وما يحفها من مخاطر، وما يعترض طريقها من عقبات ومشاكل، تودي بها إلى الانهيار ثم الدمار،
عما فيها من آداب سامية، وحكم عالية، وتوجيهات رشيدة، إلى أسس الحياة الفاضلة الكريمة،
ولهذا كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة يقول لهم : علّموا نساءكم سورة النور.
وقالت عائشة رضي الله عنها :
(لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن سورة النور والغزل)