ماثيو ونيكولاس: نتوقع ان يهيمن الإسلام في أوروبا خلال 30 عاما
طارق وصالح اسمان من اسماء المسلمين، حرص انجليزيان على ان يتسميا بهما بعد اعتناقهما الاسلام. وهذان المسلمان الجديدان من خريجي مدرسة ايتون، التي تعتبر من اميز المدارس البريطانية، حيث يدخلها ابناء الطبقات الراقية داخل بريطانيا وخارجها. ويدرس فيها حاليا الأميران البريطانيان وليام وهاري ابنا الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني. فمن هنا اكتسبت هذه المدرسة شهرة واسعة لم تقتصر على بريطانيا، بل امتدت الى جميع انحاء العالم.
وقد يتعرف زملاؤهما القدامى في مدرسة ايتون عليهما باسم ماثيو ويلكنسون ونيكولاس براندت. ولكنهما اليوم طارق وصالح اللذان درسا الاسلام دراسة عميقة افضت الى اعتناقهما للدين الاسلامي. وبدآ ينتظمان، ما استطاعا الى ذلك سبيلا، في حضور الدروس الدينية في المساجد بلندن، حيث يؤديان الصلوات الخمس ويتلوان آيات من القرآن الكريم، ويرددان الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما ذكر اسمه امامهما.
فلنتابع اليوم الرحلة الايمانية التي قادت طارق وصالح الى اعتناق الاسلام والنهوض بأمر الدعوة في صفوف زملائهما القدامى، في محاولة جادة منهما لاقناعهم باعتناق الدين الاسلامي بعد شرحه لهم شرحا مستفيضا.
قال طارق (30 عاما) وصالح (31 عاما) انهما بعد اعتناقهما الدين الاسلامي قبل عشر سنوات حرصا على السعي الجاد لاقناع زملائهما القدامى في مدرسة ايتون النموذجية باعتناق الاسلام باعتباره دين الحق الذي يهدي الى الصراط المستقيم. وانهما جعلا مهمتهما العمل ليكونا سببا في هداية هؤلاء الزملاء، اضافة الى النهوض بمهمة اخرى لا تقل اهمية عن المهمة الاولى، والتي تتمثل في الدعوة الى الله سبحانه وتعالى بين البريطانيين، خاصة وسط الشباب البريطاني خشية وقوعهم في المزالق والخطايا نتيجة الخواء الروحي والاضطراب النفسي. كما انهما جعلا جزءا من مهمتهما الدعوية رعاية المسلمين الجدد من البريطانيين، وذلك بتقديم المساعدة الضرورية لهم. وكانا على قناعة تامة بنجاح مهمتهما الدعوية وسط الشباب البريطاني. ولم يساورهما ادنى شك باستجابة عدد من هؤلاء البريطانيين للدعوة والانضمام الى قوافل النور والهداية الربانية.
هيمنة الإسلام في أوروبا
ويتوقع طارق وصالح انه خلال اقل من ثلاثين عاما سيهيمن الاسلام في اوروبا. وسيسيطر الاسلام على كثير من الدول الاوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا. فهذه الدول مرشحة خلال العقود الثلاثة المقبلة ليصبح فيها اعداد كبيرة من المسلمين. وبالتالي سيكون للاسلام اثر واضح فيها. كما ان ساستها بدأوا يدرسون هذا الامر دراسة عميقة، تفاديا لأي خلخلة او اضطراب في انظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال النصف الاول من القرن الحادي والعشرين.
وقال طارق انه اذا وجد شخصان من ابناء الطبقة الراقية في المجتمع البريطاني، تحولا الى الاسلام فهذا بلا شك سيحدث حركة راديكالية في تغيير طبيعة المجتمع الدينية لانك ساعتئذ ستجد الكثيرين يتبعون هؤلاء الذين اهتدوا الى الدين الاسلامي. وبالتالي سيعطي هذا التحول زخما كبيرا ودفعة قوية لحركة التغيير الديني في المجتمع البريطاني خاصة ان هذا المجتمع مهيأ لحدوث مثل هذا التغيير، لا سيما في اوساط الشباب والجيل الصاعد من البريطانيين. فما عاد اعتناق الاسلام يقتصر على الطبقات الدنية وأبناء الفقراء من المجتمع، لانه ليس حركة ثورية راديكالية للفقراء ضد الاغنياء، بل هو حركة أوبة صادقة الى الله تعالى وهداية ربانية للأغنياء والفقراء على السواء. من هنا مهمة الدعاة الى هذا الدين يجب ان تكون شاملة لكل طبقات المجتمعات الانسانية، فالله سبحانه وتعالى خلقنا من ذكر وأنثى وجعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف وكرم التقاة منا، اذ يقول الله تعالى في كتابه المبين يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
الدعوة السرية
وقال صالح: انه غير كاف ان يدعو المسلم الى الله سرا، الا اذا كان هذا المسلم يجاهد لاقناع شخص لا يؤمن بالاديان، وهو يريد ان ينتشله من هذه الهوة السحيقة ومن هذه الظلمات الى النور، وهو يعلم ان ذلك الشخص بقليل من الجهد قد يقتنع ويهتدي، ولكنه يكابر نفاقا ورياء للناس، ففي هذه الحالة الدعوة في السر وبأسلوب خاص قد تكون اكثر ملاءمة وأعظم فائدة.
وأضاف صالح: ان المسلم شخص يعرف ما يؤمن به ويعمل وفقا لما يؤمن به ويموت من اجل ما يؤمن به ويقتل دفاعا عما يؤمن به.
وأوضح صالح: ان البريطانيين الذين اعتنقوا الدين الاسلامي هم الوحيدون الذين يفهمون كيف يمكن تطبيق الاسلام في العالم الحديث، لانهم اكثر شعوب العالم الذين دخلوا في دين الله افواجا مواءمة بين تعاليم دينهم الجديد ومستجدات العصر الحديث.
وان السير وليام ويلكنسون والد طارق وبيتر براندت والد صالح من الشخصيات البريطانية المعروفة، وهما صديقان منذ ايام الدراسة في مدرسة ايتون النموذجية التي تخرج فيها ابناهما طارق وصالح. وكان السير ويلكنسون يعمل رئيسا لاحدى المؤسسات البريطانية؛ بينما براندت كان يعمل مصرفيا وعضوا في مجلس ادارة هيئة الانهار الوطنية. فالسؤال ماذا حدث لابنيهما حتى يهجرا ديانة والديهما ويعتنقا الاسلام ويعملا في مجال الدعوة الى الله تعالى وينشطا في الدعوة وسط الشباب البريطاني، خاصة بين زملاء دراستهما في مدرسة ايتون النموذجية الذين تخرجوا في الجامعات وتسنم بعضهم وظائف مهمة في مختلف المجالات والمواقع؟
ويجيب على هذا السؤال صالح قائلا: عندما كنت في مدرسة ايتون النموذجية كنت ملحدا انكر وجود الله على الرغم من انني اسميا كنت مسيحيا تابعا لمذهب الكنيسة الانجليكانية. ولكن في المدرسة تعلم اهمية تحدي السلطات، بينما الاسلام علمه عكس ذلك. ولكن لا انسى ان مدرسة ايتون النموذجية غرست في القدرة على تمييز الجيد من السيئ. ومهما قلت من نقد لمدرسة ايتون النموذجية فهي بلا شك خلقت في انسانا ناضجا.
أول لقاء بالعالم الإسلامي
وقال صالح ان اول لقاء له بالعالم الاسلامي اي اول اتصال له بالاسلام، حدث عندما كان يدرس التاريخ في جامعة است انجليا البريطانية، ولم يكن وقتذاك سعيدا بدراسته للتاريخ. وكان في احدى العطلات الدراسية قد سافر الى قطاع غزة للعمل مع منظمة للاجئين، حيث قابل هناك بعض الفلسطينيين. وعاد الى بريطانيا كارها لاسرائيل.
ومن ثم قابل مجموعة من المسلمين البريطانيين الجدد يعملون في منظمة فلسطينية خيرية في نوريتش. وفي السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1989 هو اليوم الذي اعلن فيه رسميا اعتناقه الدين الاسلامي. وقال صالح: كنت فرحا وسعيدا باسم صالح الذي سميت به بعد اعتناقي الاسلامي.
وكان في هذا الوقت طارق او ماثيو ويلكنسون طالبا في جامعة كمبريدج يدرس اللاهوت (علم الاديان). وكان طارق متضايقا من انحطاط الاخلاق في المجتمع الغربي. كما كان يمر بتجربة عاطفية فاشلة مع احدى زميلاته. ولكن حياته تغيرت تماما عندما قرع صالح بابه في احد الايام. وجرى بينهما حديث جاد عن الاسلام. فوجد طارق ضالته في هذا الحديث خاصة انه كان شديد الضيق من التفسخ الاخلاقي في المجتمع الغربي، وشرح له صالح كيف ان الاسلام عالج قضايا الاخلاق وانه دين لا يقتصر على العبادة في ايام محددة او مناسبات معينة، بل دين يشمل كافة مناحي الحياة ويعالج مشكلات الانسان الروحية والنفسية. ويجعل المرء يشعر بأنه ذو رسالة سامية في هذه الحياة.
وبدأ طارق او ماثيو يطرح الاسئلة تلو الاسئلة وصالح يجيب. وبدا واضحا لصالح ان ماثيو في طريقه الى اعتناق الاسلام وطلب منه مصاحبته في السفر الى غرناطة باسبانيا. وفي هذه الفترة بدأ ماثيو يدرس الاسلام ويتعرف على تعاليمه ومبادئه. ومن ثم اهتدى قلبه الى الايمان وهداه الله تعالى الى الاسلام، فأعلن اسلامه رسميا وغير اسمه من ماثيو الى طارق. وهكذا كانت رحلة الايمان بالنسبة لصالح وطارق رحلة مفعمة بأجواء ربانية ادت في نهاية المطاف الى اعتناقهما الدين الاسلامي.
وكشف صالح ان هناك اكثر من عشرة آلاف بريطاني يعتنقون الاسلام سنويا. وان الهجرة الى الله تعالى بين اوساط الشباب البريطاني تتزايد في كل عام. وان رحلة الايمان ماضية باذن الله تعالى، وان الكثير من شباب بريطانيا فرحون بها ووجدوا فيها ضالتهم لذلك انضموا اليها