فلسطيني من أصل يمني يكشف تفاصيل رحلته إلى القدس قبل 70 عاما
اتهم الحاج احمد بدر حسين فلسطيني من أصل يمني السلطات اليمنية بعدم الإعتراف بأنه ما زال حيا.
وقال بدر الذي يبلغ من العمر 110 عاما في حديث أجراه معه موقع ( العربية نت) أنه وصل إلى مدينة القدس ودخل فلسطين في عام 1936, وانه شارك في النضال ضد الصهاينة في عام 1948م.
وأشار الفلسطيني من اصل يمني إلى أنه توجه بنفسه إلى اليمن كي أثبت انه لا زال حيا , إلا أن ذلك لم يشفع له عند السلطات اليمنية التي لم تعترف بوجوده , وأنه مات قبل 70 عاما, مما جعله يفضل العودة الي فلسطين.
وقال بدر أنه من قرية بارق في محافظة حجة, وتسكنها قبيلتي بدر والسلامي , وأنه جاء إلى اليمن بعد أن منعت ابنته من استرداد حقه كون والدها قد مات منذ عشرات السنين.
وأضاف: في عام 1979وعندما أنهت ابنتي المرحلة الثانوية أرادت أن تكمل دراستها في الخارج بسبب تفوقها فأرسلت بها إلى اليمن عند أعمامها وعماتها وهناك استقبلها إخواني وأبناء قبيلتي بالترحاب الشديد، لكن فرحتها بهم وفرحتهم بها لم تكتمل فعندما أرادت أن تستقر في بيت والدها وتحصل على حقوقه وممتلكاته فاجأتها الحكومة اليمنية قائلة : "إن احمد بدر حسن بدر قد مات منذ ما يقارب السبعين عاما ولا ندري عنه شيئاً".
ويضيف : أكدت ابنتي لهم، اني حي أرزق، لكن الحكومة رفضت إدراج اسمي في سجلات الإخوة اليمنيين الذين هم على قيد الحياة، لقد عانت ابنتي رغم أنها في حضن أعمامها وعماتها الذين لا اعرفهم وولدوا بعد خروجي من اليمن .
ويحكي الحاج أحمد بدر قصته: كنا عائلة واحدة ورغم هذا الحب وجدت نفسي وحيدا فهربت إلى السعودية ومنها إلى فلسطين .
وصلت إلى فلسطين عام 1936 وسكنت في القدس ما يقارب الستة شهور، ومن هناك انتقلت إلى قرية يافا في منطقة أبو كبير وتزوجت إحدى بنات المنطقة، وعشت هناك مدة عامين .
وأضاف " لقد تزوج أبي بعد وفاة أمي وتركنا، فهربت من قرية بارق التي كنت اسكن فيها وذهبت إلى السعودية مع من كان يسافر إلى موسم الحج مشياً على الأقدام حيث لا توجد لا طائرات أو سفن وقتها وهناك أقمت مناسك الحج ومن ثم سرت إلى المدينة المنورة أيضا مشياً على الأقدام ..كانا نستريح في النهار ونبدأ المشي بعد العصر حتى ساعات الصباح حتى وصلنا إلى مدينة القدس ودخلت فلسطين عام 1936.
وقال: كنا عائلة واحدة ورغم هذا الحب وجدت نفسي وحيدا فهربت إلى السعودية ومنها إلى فلسطين .
ويشير الي انه عمل كحارس في بلدية يافا وعاشر الفلسطينيين لأول مرة ووجد فيهم المحبة والكرم حيث يقول : لا يوجد تفرقة عندهم فقد اعتبروني ابنهم.
وأضاف: في عام 1948 بدأ الصهاينة بدخول فلسطين بحراسة من البريطانيين وكنت آنذاك في عملي فدخلت العصابات الصهيونية إلى يافا وهجرت أهلها وهدمت البيوت على رؤوس أصحابها وكان من ضمن من نسفت بيوتهم على أصحابها كان بيت أهل زوجتي التي كنا نعيش فيه فماتت زوجتي تحت الهدم .
ويشير هنا الي انه قرر الانضمام الي المجاهدين ضد الصهاينة، وتطوع مع مجموعات المقاومة الفلسطينية وحمل السلاح، وعن هذه الفترة يقول " كنت حينها اشعر بفخر كبير بأنني ابن فلسطين وأحمل الهوية الفلسطينية مع كوني يمني الأصل".
ويضيف "بدأنا بحفر الخنادق في منطقة تل الريش بيافا قبل أن أذهب إلى باب الواد في القدس وعدت إلى حلحلول (قضاء الخليل ) ومنها إلى قرية خراس وبقينا نحارب حتى استشهد العديد من أفراد المجموعة الفدائية وظل الاحتلال يطاردنا إلى أن وصلنا إلى قرية المسمية (قضاء غزة) وجلسنا نرتاح بمسجد المدينة حتى استقبلونا أهل القرية مرحبين بالمقاومين وسكنا هناك مدة ست شهور حتى وصل جنود الاحتلال بأسلحتهم ومدفعياتهم إلى هذه القرية وبدأوا بتهجير أبناءها ونسف بيوتهم والمساجد على رؤوس مصليها.
ويضيف والدموع بدأت تتراقص في عيونه وهو يتذكر هذه الملاحم التي شاهدها بأم عينيه قائلا بحسرة : "حسبي الله ونعم الوكيل على اليهود " لقد عشنا أياما عصيبة لم يرحم اليهود لا صغير ولا كبير ولا حتى امرأة فقد قتلوهم بشراسة ومن ثم شُردنا وهاجر من تبقى من أهل قرية المسمية إلى قرية أسدود .
ويشير وقتها الي شعورهم بالامل بعد ابرام الهدنة وإرسال الحماية المصرية، حيث يقول : شعرنا بالأمل في العيش والعودة إلى قرانا –نعم هي قرانا مع أني يمني لكني ابن فلسطين ودماء فلسطين تمشي في عروقي ومن مدينة يافا ".
ولكن شعاع النور انطفأ فجأة عندما نقض اليهود الهدنة وبدأوا يقصفون القرى من الطائرات والمدفعية وتركز القصف على سكان مدينة المجدل وبلدة اسدود واستمر مدة ثلاث أيام متواصلة .
ويقول: تجمعنا نحن مجموعة مكونة من ستة عشر فلسطينيا وسبعة مصرين وخمسة من الجزيرة العربية (اليمن والسعودية) وفي طريق العودة إلى المجدل وجدنا الدبابات الإسرائيلية تنتظرنا في مدخل المدينة ووقعنا أسرى وصادر الجنود الذين كانوا بالدبابة أسحلتنا..ثم خرجنا في تبادل للأسرى مع اليهود ورُحلنا من جسر بيت حانون إلى قطار العريش في مصر وهناك اخذ المصرين أسراهم وتركونا مدة أربعة أيام على المعبر ومن ثم أخذتنا بعدها شرطة العريش وأرسلت الحجازيين إلى بلادهم والفلسطينيين أرجعتهم إلى فلسطين".
ويوضح انه اعيد الي فلسطين كونه يحمل الهوية الفلسطينية مع أن لهجته يمنية واضحة واستقر به الحال في بلوك(12) في مخيم البريج للاجئين بغزة .
وأكمل الحاج بدر في ذلك المخيم مشوار حياته حيث تزوج هناك وأنجب عددا من الأبناء، وتعلم في مدراس محو الأمية التي اقامتها وكالة غوث اللاجئين القراءة والكتابة، معربا عن شعوره بالسعادة لتمكنه من تلاوة القرآن الكريم.